السيرة الذاتية لمارك توين-محمد زكريا

تعليق على السيرة الذاتية لمارك توين

السيرة الذاتية لمارك توين فريدة وبأسلوب فكاهي يشكل تحديا مبتكرا للقراء. يبدأ بالطفولة والعائلة، ويتنقل بسلاسة بين الحياة الشخصية والمهنية، مع التركيز على العلاقات الأسرية. يحكي الكتاب قصة حياة متداخلة بروح فكاهية ملهمة.
  • الوضوح والشفافية
  • الطرافة والفكاهة
  • استخلاص العبر والعظات
  • أسلوب الكتابة الجذاب
  • الخلفية التاريخية
4.7/5Overall Score
Pros
  • عمق تاريخي
  • وجهات نظر عميقة
  • تعليقات أدبية عالية المستوى
  • أسلوب كتابة تفاعلي
  • الوضوح والصراحة عالية
Cons
  • هيكلة الكتاب مشتتة نوعا ما
  • تفاصيل مستفيضة
  • مخاوف ذاتية كثيرة
  • محدودية الاسكشاف الذاتي للكاتب
  • استخلاص العبر ليس سهل

كتاب السيرة الذاتية لمارك توين يأتي مغايرا لمذكرات الأرقش التي قرأتها مؤخرا ومختلفا عن بعض الكتب الأدبية التي قرأتها مسبقا. فمنذ المقدمة استَفزّ الكاتب عقلي عندما أخبر بأنه يخاطبني -وغيري من القراء- من تحت القبر حُرًّا طليقا لا يخضع لأيّ قيد من قيود الدنيا، وذلك بطلبه بنشر كتابه هذا بعد مرور قرن من الزمن على وفاته!

غلاف كتاب السيرة الذاتية لمارك توين
السيرة الذاتية لمارك توين

تحدث توين في بداية سيرته عن مولده، وعائلته، والمعاناة التي عاشتها عائلته، بعد أن كانت عائلة ميسورة اليد مستورة الحال. حيث تحدث عن هذه الفترة بتفاصيل عن الأشخاص والأماكن والأحداث، واصفا كل مشهدٍ من مشاهد الترحال والاستقرار التي مر بها بشكل رائع، وبأسلوب سهل بسيط.

تعتبر وفاة والد مارك توين نقطة تحول كبيرة في حياته؛ حيث انتقل بعدها إلى “سان لويس” لتعلم الطباعة والعمل في الصحف في وقت مبكر من حياته الأمر الذي جعله يحتك بعالم الكتابة والتقارير وتتبع الأحداث اليومية لنقلها عبر الوسائل الإعلامية المتاحة. وما لبث أن أصبح مراسلا بارعا، وكاتبا محترفا، ومؤلفا فكاهيا متميزا.

استمر توين في سرد سيرته الذاتية متنقلا بين أحداثها المتناثرة، ومشاهدها المختلفة المتفرقة، فتارة يذكر أصدقاء طفولته ويتحدث عن تفاصيل ما دار بينهم وبينه، أو بين أحد أصدقائه مع آخر وهو ينقل الحدث ككميرا مراقبة ترصد ما يحدث بدقة عالية. كما ضمّن سيرته الحديث عن أصدقائه في العمل والمهنة، ونقل ما يدور بينهم وبين مديريهم أو أصحاب دور الطباعة والنشر.

في الأجزاء الأخيرة من السيرة الذاتية، أسهب الكاتب في الحديث عن شريكة حياته وزوج روحه التي عشقها من كل قلبه، وذكر بالتفاصيل المدهشة العلاقة بين أبنائه وأمهم، وما يدور في البيت والتنزه أو الحل والترحال. والذي أثار دهشتي وفضولي في آن واحد، كمية التفاصيل التي يرويها عندما ينقل لنا أحاديث تدور بين ابتنه وأمهما مع تدخلاته القليلة في حوارهما وكذلك مع بقية أبنائه.

على الرغم من كثرة الشخصيات التي وردت في هذا الكتاب، إلا أن سيرة مارك توين توضح لنا أن والدته وزوجته كانتا من أهم الشخصيات في حياته، وفي أكثر من موضع يجري مقارنة بينهما من حيث الشكل الخارجي والمشاعر والحنان الذي يحملانه في قلبيهما الكبيرين؛ فضلا عن الأخلاق العالية والمعاملة الحسنة التي يسدلانها لمن حولهما. فبموت كل واحدة منهما فقد شمعة تنير حياته، ونبراساً يهتدي به في ظلمات الحزن والمآسي.

اشتملت السيرة الذاتية على قدر كبير من الفكاهة رغم المآسي التي مر بها مارك توين في مراحل حياته المختلفة، بدءاً من طفولته، وشبابه، مرورا بتنقلاته المختلفة للبحث عن العمل ولقمة العيش، والعقبات التي واجهته لما عزم على الزواج، ولاحقا موت بعض أبنائه وانتقال بنته كلارا إلى أوروبا للعيش مع زوجها وتركه وحيدا في أواخر عمره؛ لكنه بأسلوبه الرائع وحسه الفكاهي استطاع أن ينقل لنا صورا مختلفة رائعة.

شارك المراجعة مع المهتمين بها
محمد زكريا
محمد زكريا

باحث دكتوراة في التمويل الإسلامي والاستثمار المؤثر، وصانع محتوى​ رقمي. مهتم بقضايا وسط إفريقيا الاقتصادية والاجتماعية.

المقالات: 10
error: Content is protected !!