“قد لا يكون المستقبل حاضرا اليوم ولكننا نحن المستقبل”
هذه العبارة قرأتها على شاشة موبايلي للاتصالات، في أحد فروعها في مدينة الرياض، ولكنها لفتت انتباهي إلى أشياء كثيرة.
نخاف من المستقبل ويزداد خوفنا منه يوما بعد يوم، ولا ندري في الحقيقة سبب التخوف. فيا ترى هل هذا الخوف نابع من ضغوطات الحياة التي نعيشها، أم أنه نابع من عدم استعدادنا التام لمقابلة تلك الأيام المجهولة، أم أنه صادر من كونه في عالم الغيبيات ولا نعرف منه إلا ملامحه أو لا نكاد ؟!
فيا ليت شعري أعرف شيئا عن حقيقته!
نعم. الكل يتخوف من المستقبل، وإذا ما خلا أحدنا بنفسه تجده يحاورها حوار الندّ لندّه، أو الصديق الحميم لصديقه؛ بل هو حوار النفس للروح، من أجل إيجاد الوسائل والطرق لتأمين ذالك المستقبل الذي لا يعرف منه إلا اسمه أو رموزه!
وفي سبيل ذلك نضحي بكثير من الأوقات في التفكير، والساعات في الاستذكار والتذكير، والأشهر؛ بل السنوات في التوفير، ولربما خرجنا من ذلك كله بخفي حنين!
ولكننا نجهل حقيقة واضحة كوضوح الشمس أو أكثر، فلو افترضنا وصولنا في المستقبل، وامتثلنا بين يديه، أو حل علينا كشبه من الأشباه أو نزل علينا كالغيث –كل شخص له تعبيره في ذلك– فما هي عناصره التي يتألف منها، ولبناته التي يؤسس بها، وأركانه التي يعزز بها؟!
فبلا شك نحن كل ذلك، نحن أبطال رواياته، وأنجم قصصه وأفلامه، وفرسان ميادينه!
إذن .. فلماذا هذا الاشمئزاز، وهذا التخوف من الأمر المحتم، والمصير المقرر، لماذا كل هذا القلق والتخوف؟
صحيح، العاقل من دان نفسه وعمل لغده، ليس من أهدر طاقته في لحظته، وخسر غده ونفسه، فمن كان في حاضره غثاء كغثاء السيل، أو جملة في هامش كتاب الحياة، فسيكون غثاء في سيل المستقبل، و جملة أو كلمة في هامش كتب الحياة ومدوناتها.
فلنعمل للحظتنا وآخرتنا كأننا نموت اليوم أو غدا، ولنشتغل لدنيانا ونعمرها كأننا نعيش الدهر أبدا. فإذا أمّنّا حاضرنا وعشناه كما ينبغي أن يعاش، ضمنّا بذلك المستقبل؛ بل هو المستقبل الحقيقي.
فليس المستقبل ضربا من أضرب الخيال، أو نوعا من أنواع المحال؛ فهو رمز لنبوغ الأجيال، وحلم البراعم والرجال، نحن كل المستقبل بلا محال. فأنت المستقبل، أنت بطله وفارسه ورائده.
ملحوظة: خاطرة دُوِّنتْ في تاريخ 16 يناير 2013م ونُشِرت على منصة الفيسبوك؛ ولكني أردت مشاركتها هنا ضمن أعمالي الخاصة!